الأمراض المناعية تهاجم جهاز المناعة الذي يعد من أهم الأجهزة الحيوية في جسم الإنسان و الكائنات الحية ،
إذ يمثل الدرع الواقي و خط الدفاع ضد الفيروسات ، و البكتيريا ، و أنواع الجراثيم المختلفة التي تهاجم الجسم و تحيط به من كل اتجاه .
عندما خلق الله تعالى الإنسان ؛ جعل فيه ما يدافع عنه و يصدً اختراق الأجسام الغريبة لجسمه ،
فمجرد دخول أي جسم متطفل إلى جسم الإنسان ؛ يبدأ جهاز المناعة في التعرف عليه ، و مهاجمته ،
و من ثم القضاء عليه من خلال مجموعة من العمليات المترابطة و المتسلسلة بين أعضائه .
إضافة إلى ما سبق ؛ فإن جهاز المناعة قادر على تخزين معلومات محددة عن كل جسم غريب يدخل جسم الإنسان ،
مما يسهل لاحقاً عملية التعرف عليه ، و التصدي له بشكل أسرع و أكثر فاعلية .
و يتكون جهاز المناعة من مجموعة من الأعضاء التي تعمل جنباً إلى جنب لحماية الجسم كما يجب ؛ و هذه الأعضاء هي:
الغدة الزعترية .
النخاع العظمي .
الطحال .
خلايا الدم البيضاء .
الجهاز الليمفاوي .
الأجسام المضادة .
البروتينات المتممة ( نظام المتممات) ؛ و عددها ٢٠ ؛ تلعب دوراً هاماً في عمل جهاز المناعة .
بعد أن تعرفنا على أهم ما يخص جهاز المناعة في جسم الإنسان ؛ فإن هناك بعض المشكلات الصحية التي قد تصيب الجهاز المناعي ،
مما يؤثر على الجسم بأكمله ، و يؤدي إلى اختلال الصحة الجسمية و النفسية على حد سواء ،
فما هي تلك الأمراض ؟ و ما أسبابها ؟ و كيف يتم علاجها ؟ كل هذه المعلومات و أكثر ستجدونها في مقالنا هذا .
المحتويات
أسباب الإصابة بالأمراض المناعية .
أعراض الإصابة بالأمراض المناعية .
تشخيص الإصابة بالأمراض المناعية .
نصائح متعلقة بالأمراض المناعية .
ما هي الأمراض المناعية ؟
و تسمى أيضاً بأمراض المناعة الذاتية ؛ و تعرّف على أنها الأمراض التي يبدأ فيها جهاز المناعة بمهاجمة أنسجة الجسم نفسه ،
أو أعضاء منه عن طريق الخطأ ؛ باعتبارها أجساماً غريبة تجب محاربتها ، و يعتبر المرض المناعي الذاتي خاصاً بالأعضاء إذا هاجم عضواً بعينه ،
كداء السكري من النوع الأول ؛ الذي يحارب فبه جهاز المناعة عضو البنكرياس ،
و قد يهاجم جهازاً حيوياً بأكمله أو أكثر ؛ ليكون حينها غير خاص بالأعضاء ؛ كمرض الذئبة الحمراء .
و قد استطاع العلماء التعرف على أكثر من ٨٠ نوعاً من أمراض المناعة الذاتية ؛ تختلف في شدتها و مدى تأثيرها على الشخص المريض ؛
فعلى سبيل المثال ؛ تتأثر النساء عادة بشدة أكبر من الرجال عند الإصابة بأمراض المناعة الذاتية .
و على سبيل الذكر لا الحصر ؛ فإن من أشهر أمراض المناعة الذاتية ما يلي :
مرض السكري من النوع الأول
في هذه الحالة المرضية ؛ تتم مهاجمة البنكرياس المسؤول عن إنتاج هرمون الإنسولين من قبل جهاز المناعة ،
مما يؤثر بشكل مباشر على مستويات السكر في الدم ، فيتسبب ذلك في ارتفاعها ،
و قد يمتد ضرر ذلك إلى الأعضاء الرئيسية في الجسم ؛ كالقلب ، و الكلى ، و العيون ، و
يتطلب ذلك من المريض التزاماً بالخطة العلاجية و الأدوية التي يصفها له الطبيب . اقرأ : مرض السكري
التهاب المفاصل الروماتويدي
ينشأ هذا المرض بسبب مهاجمة جهاز المناعة للأجسام المضادة التي ينتجها و ترتبط بالطبقة الداخلية للمفاصل ،
و قد يصاب الأشخاص به في سن مبكرة ، ثم يتطور إلى أن يؤدي إلى عجز دائم إذا لم يعالج بالشكل الصحيح ،
و من أبرز مضاعفاته : تورم المفاصل ، و احمرارها ، و التهابها ، بالإضافة إلى فقدان السهولة في الحركة .
الصدفية
و هي مرض جلدي مزمن ناجم عن اعتلال مناعي ، يتمثل في ظهور طبقات من القشور الفضية التي تغطي مساحات محمرّة من الجلد ؛
يرجع سببها إلى تحفيز جهاز المناعة لخلايا الجلد على النمو و التكاثر بشكل سريع و زائد لا يتناغم مع معدل سقوط الخلايا الجلدية القديمة .
و تظهر الصدفية في أماكن مختلفة من الجسم ، كالأكواع ، و الركبتين ، و منطقة أسفل الظهر ، و قد تظهر في فروة الرأس ،
و قد تتطور الإصابات في مناطق المفاصل لدى ٣٠% من المرضى ، لتؤدي إلى إصابة المفاصل بالالتهاب و الانتفاخ ،
هذا ما يعرف بمرض التهاب المفاصل الصدفي .
التصلب المتعدد
ينجم هذا المرض عن مهاجمة جهاز المناعة للغلاف المحيط بالخلايا العصبية ( غلاف الميالين ) ؛
مما يؤثر على انسيابية وصول الإشارات العصبية من الجهاز العصبي المركزي إلى بقية أعضاء الجسم و العكس ،
و قد تتفاوت أعراض الإصابة بمرض التصلب المتعدد من مريض إلى آخر من حيث شدتها ، و لعلّ أبرز هذه الأعراض :
الإحساس بخدر في الأطراف .
صعوبة الحركة و الشعور بالوهن .
عدم اتزان الجسم ، خاصة عند المشي .
الذئبة الحمراء
تنشأ الذئبة الحمراء نتيجة ارتباط الأجسام المناعية المضادة بأي نسيج حيوي في أي مكان في الجسم ، و لذلك ، فإن مريض الذئبة الحمراء يحتاج إلى أخذ جرعات منظمة من الستيرويدات المثبطة للمناعة .
في القِدَم ؛ تم تصنيف الذئبة الحمراء على أنها مرض جلدي ، و ذلك لظهورها على الوجه بشكل فريد يشبه الفراشة الحمراء ،
و لكن فيما بعد ؛ اتضح أنها قد تصيب أجزاء أخرى من الجسم ؛ كالقلب ، و المخ ، و الكلى ، و المفاصل ، لتصنف لاحقاً كمرض عضوي خطير .
و من أبرز مضاعفاتها : الطفح الجلدي ، و آلام المفاصل ، و الإرهاق المزمن .
الالتهاب المعوي
يحدث التهاب الأمعاء بسبب تعرض الطبقة المبطنة لجدار الأمعاء لهجوم من قبل جهاز المناعة ، فتنجم عن ذلك العديد من المضاعفات التي تتمثل بما يلي :
ألم في البطن .
نزيف في منطقة الشرج .
الإسهال .
ارتفاع درجة حرارة الجسم بسبب الالتهاب .
خسارة الوزن .
زيادة عدد مرات الدخول إلى الحمام و قضاء الحاجة .
و تتنوع أمراض الالتهاب المعوي التي قد تصيب الإنسان ، نذكر لكم منها ما يلي :
مرض كرون : التهاب يصيب أي جزء من الجهاز الهضمي ابتداءً بالفم و انتهاءً بالشرج .
مرض التهاب القولون التقرحي : التهاب يصيب المستقيم ، و بطانة الأمعاء الغليظة .
و باختلاف أنواعه ؛ فإنه يمكن علاج الالتهاب المعوي بتناول الأدوية المثبطة للمناعة و التي تؤخذ عن طريق الحقن أو الفم .
داء أديسون
يتعلق هذه المرض بتعرض الغدة الكظرية لهجوم مناعي ، مما يؤثر بطبيعة الحال على إنتاج الهرمونات التي تفرز منها ، و المتمثلة في كلّ مما يلي :
- هرمون الكورتيزول : ينظم الطريقة التي يتعامل فيها الجسم مع المركبات الكربوهيدراتية ، و الجلوكوز ، و طريقة تخزينها .
- هرمون الألدوستيرون : يتسبب نقص هرمون الألدوستيرون في انخفاض كميات الصوديوم ، و زيادة كميات البوتاسيوم في الدم .
اقرأ : هرمون النمو
اعتلالات الغدة الدرقية
عندما تتعرض خلايا الغدة الدرقية لهجوم من قبل جهاز المناعة؛ فإنها تتسبب في حدوث مرض واحد من اثنين ، هما :
- مرض جريفز : يحدث بسبب تحفيز جهاز المناعة الغدة الدرقية لإنتاج مزيد من هرمون الغدة الدرقية – وذلك بفعل الأجسام المضادة المناعية – ؛ مما يتسبب في ظهور أعراض سرعة الانفعال ، و جحوظ العيون ، و تسارع دقات القلب ، و خسارة الوزن ، و عدم القدرة على تحمل درجات الحرارة المرتفعة .
- مرض هاشيموتو : و هو المرض المعاكس للسابق ؛ حيث تعمل الأجسام المناغية المضادة على تقليل إفراز هرمون الغدة الدرقية ؛ فتظهر الأعراض معاكسة لما سبق ؛ ليصبح المريض غير فادر على تحمل البرد ، و يعاني من سوء المزاج ، و جفاف البشرة ، و الوزن الزائد ، و التعب ، و تساقط الشعر ، و الإمساك ، و كذلك حدوث تورم في الغدة الدرقية .
متلازمة شوغرن
يحدث هذا المرض بسبب مهاجمة جهاز المناعة للغدد التي تعمل على ترطيب الشفاه و العيون ، فينتج عن ذلك جفاف شديد في هذه المناطق من الجسم ، و قد يمتد ذلك إلى الجلد أو المفاصل .
اقرأ : ترطيب البشرة
الوهن العضلي الوبيل
يتمثل هذا المرض في ضعف العضلات الناجم عن خلل في استقبال العضلات للإشارات العصبية المرسلة من المخ ، فتظهر أعراض وهن العضلات عند الحركة ،
و التحسن مع الراحة ، ولا يقتصر ذلك على العضلات الكبرى في الجسم ، بل تتأثر كذلك عضلات العين ، و الجفن ، و العضلات المسؤولة عن عملية البلع .
الالتهاب الوعائي المناعي
عندما يهاجم جهاز المناعة الأوعية الدموية ؛ فإنه يتسبب في تضييقها ، و بالتالي تقل كمية الدم الجاري عبر هذه الشرايين و الأوردة ،
مما يؤثر على العضو أو مجموعة الأعضاء التي تغذيها هذه الأوعية الدموية ، و هذا ما يفسر التباين في أعراض هذا المرض بين مريض و آخر ،
و لكن العلاج في جميع الحالات يعتمد بالدرجة الأولى على تناول مثبطات المناعة كالستيرويدات .
فقر الدم الخبيث
يحدث هذا النوع من الأنيميا بسبب خلل مناعي يؤدي إلى نقص بروتين ( العامل الداخلي ) المسؤول عن امتصاص (فيتامين ب) – الواصل إلى الجسم من مصادر الطعام المختلفة – في الأمعاء الدقيقة ، مما يحدث خللاً في إنتاج الجسم للحمض النووي على نحو صحيح .
متلازمة الاضطرابات الهضمية
في أجسام المصابين بالاضطرابات الهضمية ؛ يؤدي الجلوتين إلى إثارة الجهاز الهضمي لمهاجمة الأمعاء الدقيقة ، مما يؤدي إلى مشاكل صحية كبيرة ؛
لذا ، فإنه يتعين على مصابي الاضطرابات الهضمية الامتناع عن تناول الأطعمة المحتوية على الجلوتين في تركيبها ؛ كمنتجات القمح ، و بعض الحبوب الأخرى .
أسباب الإصابة بالأمراض المناعية
ليست هناك أسباب محددة و أكيدة للإصابة بأمراض المناعة الذاتية ؛ و لكن مما لا شك فيه أنها أمراض غير معدية و لا تنتقل من شخص إلى آخر ،
و على الرغم من ذلك ؛ لا يخلو الأمر من بعض العوامل التي قد تزيد من فرص الإصابة بالأمراض المناعية ، و منها :
العامل الوراثي : يلعب التاريخ المرضي للعائلة دوراً في إصابة الفرد بأمراض المناعة الذاتية ، إذ أن الجينات تساهم في نشرها بين أفراد الأسرة الواحدة ، و لكن ليس بالضرورة أن يكون المرض نفسه مشتركاً بينهم ، و لا أن يصاب جميعهم به .
السمنة و زيادة الوزن .
الجنس : النساء أكثر عرضة من الرجال للإصابة بأمراض المناعة الذاتية .
تعاطي بعض أنواع المضادات الحيوية ، و أدوية ارتفاع ضغط الدم .
اتباع نظام غذائي غني بالسكريات، و الدهون ، و الأطعمة المصنعة . اقرأ : الأنظمة الصحية لبعض الحالات الخاصة
التعرض لعوامل بيئية غير صحية ؛ كالمواد الكيماوية .
الإصابة السابقة بعدوى معينة .
أعراض الإصابة بالأمراض المناعية
تختلف أعراض الإصابة بالأمراض المناعية باختلاف المرض و مكان الإصابة ، و لكن توجد هناك مجموعة من الأعراض العامة المشتركة بين أنواع الأمراض المناعية المختلفة ، و هي :
آلام العضلات و ضعفها .
آلام المفاصل و تورمها .
فقدان الوزن بشكل كبير .
التعب المستمر ، و الإعياء .
ضعف التركيز .
ارتفاع درجة حرارة الجسم .
تسارع في دقات القلب .
جفاف الجلد و ظهور طفح جلدي .
الشعور بوخز و تنميل في الأطراف .
آلام البطن المصحوبة بدم أو مخاط في البراز .
الإصابة بالإسهال .
ظهور تقرحات عند الفم .
جفاف الشفتين و الجلد بشكل عام .
حالات الإجهاض المتكرر لدى النساء الحوامل .
و بتحديد المرض و العضو المصاب ؛ تصبح الأعراض أدق ، و أوضح ، و أكثر تحديداً .
تشخيص الإصابة بالأمراض المناعية
تعتبر عملية تشخيص الإصابة بالأمراض المناعية عملية صعبة و معقدة ؛ إذ يتعين علي المصاب إجراء عدة فحوصات لتحديد الإصابة بالمرض المناعي و نوعه ،
و يرجع ذلك إلى التشابه الكبير بين أعراض الأمراض المناعية المختلفة ، و من أهم الفحوصات اللازمة للتشخيص :
الاطلاع على تاريخ العائلة المرضي لتحديد إصابة أحدهم بأحد أمراض المناعة أم لا .
فحص الأجسام المضادة للنواة ANA فإذا كانت النتيجة إيجابية يعني ذلك وجود إصابة بمرض مناعي لم يعرف نوعه بعد .
فحص المريض جسدياً ، و معاينة الأعراض بدقة .
اختبار للدم ، و آخر للأجسام المضادة .
فحص الأشعة السينية X-RAY
خزعة من مكان الإصابة المحدد .
علاج الأمراض المناعية
للأسف ؛ لا يوجد علاج للأمراض المناعية ، و لكن يمكن التقليل من مضاعفاتها ، و التحكم في الآلام و الالتهابات الناجمة عنها ، باتباع ما يلي :
استخدام مضادات الالتهاب ؛ كالستيرويدات التي تستخدم لتقليل حدة الأعراض .
تناول مسكنات الألم ؛ كالأدوية المحتوية على الباراسيتامول .
تناول الأدوية المثبطة للمناعة ؛ كالكورتيزون .
لحالات الوهن العضلي ؛ اتباع نظام علاج طبيعي للمساعدة على الحركة .
في حالات انسداد الأمعاء ؛ إجراء عملية جراحية لإزالة الانسداد .
لحالات الإصابة بالسكري ؛ اتباع العلاج المعوّض لنقص الانسولين سواء بالحقن أو عن طريق الفم .
تناول الأدوية المضادة للاكتئاب وفق إرشادات الطبيب .
في حالات الصدفية ؛ استخدام الكورتيزون الموضعي .
تعاطي الجلوبيولين المناعي بالوريد وفق إرشادات الطبيب .
نصائح متعلقة بالأمراض المناعية
ينبغي على المريض المصاب بأحد أمراض المناعة الذاتية التكيف مع وضعه الصحي ، و تغيير تمط حياته ليتلاءم مع حالته الصحية ، و فيما يلي أبرز النصائح المهمة لمريض اضطرابات المناعة الذاتية :
الالتزام بزيارة الطبيب المختص بناء على تطور الأعراض .
الالتزام بأخذ الأدوية المقررة بانتظام وفق وصفة الطبيب .
الاسترخاء ، و كبح التوتر .
النوم لساعات كافية خلال اليوم الواحد .
الابتعاد عن الأطعمة المقلية أو الدسمة .
عدم تناول أية أدوية من غير وصفة طبية .
تجنب تناول السكريات المصنعة و الألوان الغذائية .
اتباع نمط حياة صحي و مريح .
الامتناع عن شرب المشروبات الكحولية و التدخين .
و ختاماً ؛ فإن المصاب بأحد أمراض المناعة الذاتية قادر على التعايش مع حالته الصحية إذا ما عقد العزم على فعل ذلك، و يمكنه الاستمتاع بحياته ، و ممارسة أعماله بالشكل الطبيعي أذا ما التزم بالخطة العلاجية التي يقررها الطبيب له .
اكتشاف المزيد من LoveyDoveye
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.