يعتبر هرمون النمو المسؤول الأول و الأساسي عن التحكم بنمو الجسم بشكل طبيعي و متوازي مع التقدم في السن ،
و هناك عدد من الناس يعانون من مشاكل تتعلق بإفراز هذا الهرمون مما يؤثر بشكل مباشر على حياتهم .
فيما يلي ، سنطلعكم على أهمية هرمون النمو، المشاكل المتعلقة فيه ، و كيفية تفاديها.
المحتويات:
ما هو هرمون النمو
أبرز المشكلات الصحية المتعلقة بهرمون النمو
العلاجات و الأطعمة الواقية من مشكلات هرمون النمو.
هرمون النمو:
هو هرمون أساسي يتم إفرازه من الغدة النخامية في الدماغ بتنظيم من عامل النمو الشبيه بالأنسولين ١ (Insulin like growth factor 1 – IGF) والذي ينتجه الكبد،
ويعمل بشكل رئيسي على تنظيم نمو الأطفال كما يدخل في تنظيم عمليات الأيض (Metabolism) المختلفة في الجسم.
إن وجود هرمون النمو بمستوياته الطبيعية في الجسم يحافظ على تحسين الوظائف الإدراكية من خلال تفاعله مع عدة مستقبلات في الجهاز العصبي المركزي
مما يؤدي بطبيعة الحال إلى زيادة القدرة على التعلم و تقوية الذاكرة ،
كما يعمل هرمون النمو على زيادة الكتلة العضلية عند ممارسة الرياضة و يعزز من أداء العضلات
بالإضافة إلى تحفيزه لعملية تكسير الدهون الزائدة و تحللها ، مما يعني المساعدة في إنقاص الوزن.
المشكلات الصحية المتعلقة بهرمون النمو:
إن المشكلة الصحية الأكبر تتمثل في نقص أو بما يسمى عوز هرمون النمو
(Growth Hormone Deficiency)
و يكون هذا النقص إما مباشراً ؛ أي أن عامل النمو الشبيه بالانسولين ١ المسؤول عن إنتاج هرمون النمو لا يتم إنتاجه في الكبد بالكميات المطلوبة،
أو غير مباشر بسبب قصور في الغدة النخامية (Hypopituitarism)، و عادة ما يترافق ذلك مع نقص في إفراز هرمونات أخرى مثل :
- الهرمون ملوتن
- الهرمون المنمي لقشر الكظر (Corticotrophin)
- الهرمون المنبه للدرق (Thyroid stimulating hormone -TSH)
- هرمون البرولاكتين (Prolactin)
- الهرمون المنبه للجريب (FSH – Follicle – stimulating hormone)
قد يحدث نقص هرمون النمو في المراحل العمرية الأولى للطفل فيسبب إعاقة عملية النمو ،
ولا يمكن تشخيصه إلا بعد مرور ستة أشهر على الأقل على ولادة الطفل حيث يظهر ذلك على شكل بطء و تدني في نمو الطفل،
و قد يحدث أيضاً في مراحل عمرية متقدمة لتظهر على البالغين المصابين أعراض ضعف العضلات و تراكم الدهون في منطقة البطن تحديداً ،
و قد ترافق ذلك أعراض أخرى عديدة ، كقصر القامة ، و تأخر تطور الأسنان ، و تأخر النضوج الجنسي ، و التعب الشديد ، و الاحساس بالشيخوخة مبكراً ، كما يزيد نقص هرمون النمو من خطر الإصابة بأمراض القلب و ضعف العظام .
أما عن الزيادة المفرطة في هرمون النمو ، فلا تقل خطورة هذه المشكلة الصحية عن سابقتها ؛
إذا يؤدي ذلك إلى إصابة الأطفال بالعملقة ، و زيادة نمو البالغين بشكل مفرط ، و ارتفاع ضغط الدم ، و الإصابة بداء السكري ،
و أمراض القلب، و تضخم الأعضاء .
و مما ينبغي الإشارة إليه هنا ، أن مستويات هرمون النمو في الجسم تتأثر بالنشاط البدني و ممارسة الرياضة ،
فكلما زاد النشاط البدني ، زاد إفراز هرمون النمو الذي يتحكم في طول العضلات و نموّها ، و طول الجسم بشكل عام .
و في منتصف العمر تقريباً ، تبدأ مستويات هرمون النمو في الجسم بالانخفاض ،
و لعلّ أسوأ ما قد يلجأ إليه بعض البالغين هو تعاطي هرمون النمو الصناعي بهدف تقوية العضلات و زيادة حجمها ،
لتكون النتيجة هي الإصابة بما يُعرف بضخامة الأطراف ؛
و هي حالة مستدامة تتمثل في زيادة نمو العظام في أجزاء الجسم المختلفة ، كاليدين ، و الأرجل ، و الوجه .
علاجات المشاكل المتعلقة بنقص هرمون النمو:
1. العلاج الدوائي:
قبل البدء بالعلاج ، ينبغي على مقدم الرعاية الصحية أن يأخذ بعين الاعتبار عمر الطفل المريض ، و وضعه الصحي العام ،
و عوامل أخرى يحددها طبيب الأطفال المختص بالغدد الصماء بعد قيامه بفحص نمو الطفل و مراقبته على مدى شهور بأفضل الأدوات الطبية و أدقّها.
في الواقع ، لا يوجد علاج لتعويض نقص هرمون النمو يؤخذ عن طريق الفم ،
بل يتمثل العلاج الدوائي لنقص هرمون النمو بحقن مادة السوماتروبين (Somatropin)تحت الجلد ، ليتم امتصاصها من قبل الأنسجة الدهنية و من ثم نقلها عبر مجرى الدم ، ليتم تحفيز إنتاج عامل النمو الشبيه بالإنسولين ١ و الذي يقوم بدوره بتحفيز إنتاج هرمون النمو،
لذا ، تعتبر هذه الطريقة فعالة و ناجحة في حالة نقص مستويات عامل النمو الشبيه بالانسولين ١ في الجسم ،
أما إذا كانت مستوياته طبيعية و غير منخفضة ، فلا تعتبر هذه الطريقة ناجعة و مناسبة للعلاج.
و يتم الحقن بشكل منتظم بواسطة أداة تشبه القلم و لها رأس إبرة صغير جداً لا تسبب الكثير من الألم ،
و يكون الحقن في ثمانية أماكن في الجسم نذكر لكم منها ، الذراعين ، وأعلى الفخذين ، و جانبي البطن ، و الأرداف،
*
على أن يتم التبديل بين هذه المواضع في كل مرة ، و يقوم الطبيب المختص بزيادة الجرعة تدريجياً لتبلغ أعلى نسبة في مرحلة البلوغ ، و تستمر هذه العملية عدة سنوات،
لكن من الممكن رؤية نتائجها بعد ٣-٤ أشهر من بدء العلاج غالبًا ، إذ يكون التطور سريعاً في السنة الأولى من العلاج بمعدل زيادة ٨-١٠ سم /سنة ،
وهذا ما يُعرف بالنمو التدارُكي Catch-up Growth ، ثم يبدأ بالتباطؤ مع مرور الوقت ، و يفضل أن تؤخذ الجرعة المقررة قبل النوم بساعة تقريباً ،
ولا بأس في تقديمها أو تأخيرها لدقائق أو ساعات قليلة .
و تعد المادة المستخدمة في الحقن ( السوماتروبين) فعالة جداً في استجابة الأطفال المصابين لها ،
فيمكن للطفل المصاب الخاضع للعلاج أن يحصل على طول مقارب لطول الشخص الطبيعي كلما كان البدء بالعلاج مبكراً ،
و لكن هذا لا يلغي عدم استجابة بعض الأطفال المصابين لهذا العلاج خاصة هؤلاء الذين يعانون من أمراض أخرى أو الذين بدأوا بالعلاج بعد توقف نمو العظام.
يجدر بنا الإشارة إلى وجوب معالجة قصور الغدة النخامية – إن وجد – خلال الرحلة العلاجية ،
ايضا تعويض النقص في الهرمونات الأخرى للحصول على أفضل النتائج . اقرأ : الأمراض المناعية
يستوجب على الطفل المصاب طوال رحلة العلاج مراجعة أخصائي الغدد الصماء للأطفال بشكل مستمر و منتظم من مرتين إلى أربع مرات سنوياً ،
وذلك لمتابعة تطور الحالة الصحية، و مستويات هرمون النمو ، و نمو العظام و العضلات ،
و القيام بعدة فحوصات كفحص السكري و مستوى الكوليسترول في الدم و كثافة العظام ، و غيرها ،
و بناءاً على ذلك ، سيقرر الطبيب زيادة الجرعة أو تقليلها أو وقف العلاج .
عندما يصل الطفل المصاب بنقص هرمون النمو سن البلوغ فغالباً ما يتوقف العلاج الدوائي بالحقن لمدة شهر على الأقل ،
لأن قدرة إفراز هرمون النمو تكون قد تحسنت عند بعض المصابين ،
و هنا ، يُعاد فحص مستوى هرمون النمو باستخدام تحليل تحفيز هرمون النمو GH Stimulation test
لأخذ القرار بمتابعة العلاج في مرحلة البلوغ أو إيقافه ،
و قد يستمر العلاج في مرحلة البلوغ أحياناً بحقن سوماتروبين لمنع الإصابة بهشاشة العظام عند بعض المصابين ،
و هذا ما يقرره أخصائي الغدد الصماء للبالغين .
أما عن وقف العلاج قبل البلوغ ، فقد يقرر الطبيب ذلك بناءاً على عدة ملاحظات ،
منها : توقف نمو الطفل المصاب ، اكتمال هيكله العظمي ، عدم تجاوز معدل النمو السنوي لديه ٢.٥ سم / سنة ، أو وصول الطفل المصاب لطول مقبول نسبياً.
و قد يعاني الطفل المصاب الخاضع للعلاج الدوائي بالحقن من أعراض جانبية شديدة في بداية رحلة العلاج ،
ثم تبدأ بالتحسن بعد ضبط الجرعة العلاجية ، و من هذه الأعراض : الشعور بألم شديد في المفاصل و العضلات ،
و ظهور انتفاخات في الجسم نتيجة احتباس السوائل ،
و ارتفاع مؤقت في نسبة السكر في الدم – لارتباط نسبة هرمون النمو في الجسم بنسبة هرمون الإنسولين -، و الشعور بالصداع في بعض الأحيان.
ملاحظة***
لا يمكن تطبيق العلاج الدوائي بالحقن على مرضى السرطان و الأورام بأنواعها ، حتى يتم التعافي تماماً من الورم ،
و كذلك الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في التنفس ، و تعدد الحالات المرضية ، و ممن يتعرضون لعمليات القلب المفتوح ، و ما شابه ذلك .
2. العلاج الجراحي أو الإشعاعي:
يلجأ الأطباء إلى اعتماد علاج نقص هرمون النمو بالجراحة أو الإشعاع في حالات وجود أورام في الغدة النخامية أو الدماغ ؛
و ذلك بإزالة الورم جراحياً أو إشعاعياً بالتزامن مع إعطاء المريض هرمونات تعويضية بديلة لهرمونات الغدة النخامية ؛
بهدف تقويم عمل الغدة الذي يتأثر بوجود الورم ، و تصبح الحاجة إلى هذه الهرمونات البديلة ملّحة و ضرورية في حال إزالة أورام الدماغ جراحياً ؛
إذ أنه من الممكن أن تؤدي تلك العملية إلى تلف الغدة النخامية و توقفها عن إفراز الهرمونات.
3. العلاج الموجّه ( فيزيائياً ، وظيفياً ، علاج النطق):
كما ذكرنا سابقاً ، فإن نقص هرمون النمو يسبب العديد من اضطرابات النمو التي تتطلب علاجاً طبيعياً (فيزيائياً) ؛
كالمُتَّبع في حالات تأخر المشي وضعف القوة البدنية عند الأطفال ،
و علاجاً وظيفياً يؤهل الطفل المصاب للاعتماد على نفسه بشكل كلي أو جزئي في إنجاز المهام اليومية
( كالأكل و ارتداء الملابس و قضاء الحاجة في الحمام والتعلّم و …)
كما يتطلب الأمر علاجاً للنطق أيضاً ؛ لأن الطفل المصاب قد يعاني من صعوبة في التحدث أو البلع ،
فيسهم العلاج في تقوية عضلات الوجه و علاج الضعف في تركيب الفم .
4. العلاج النفسي:
من المهم جداً مراجعة الطفل المصاب للأخصائي النفسي خلال رحلة العلاج ؛ لأنه قد يتعرض للتنمّر بسبب قصر قامته و اختلافه عن أقرانه،
مما يسبب له الشعور بفقدان الثقة بالنفس ، لذا ، يكون بحاجة إلى التعبير عن مشاعره و إيجاد طريقة للتعامل مع ذلك ؛
للحفاظ على صحته النفسية و العاطفية.
5. تحسين نمط الحياة وتأثيره على هرمون النمو :
أولا : تنظيم ساعات النوم:
لا بدّ من حصول المصاب بنقص هرمون النمو على حصة كافية من النوم خلال اليوم؛
و ذلك لأن الكمية الأكبر من هرمون النمو تفرز أثناء النوم ، كما يؤثر اضطراب ساعة الجسم الداخلية على هذه العملية ،
لذا، ينصح بتجنب شرب المشروبات التي تحتوي على الكافيين قبل النوم ، و جعل الجو العام في غرفة النوم بارداً قليلاً،
و كذلك قراءة الكتب الورقية ، و تجنب استخدام أيّاً من الأجهزة الإلكترونية قبل النوم.
ثانيا: ممارسة التمارين الرياضية:
أثبتت الدراسات أن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام تساعد على زيادة إفراز هرمون النمو و عامل النمو الشبيه بالإنسولين ١،
و خاصة التمارين عالية الشدة ، و تمارين المقاومة المنتظمة ؛ كاستخدام الأوزان الحرة و تمارين كمال الأجسام ،
وذلك لأنها ترفع معدل نبضات القلب فوق عتبة اللاهوائية Anaerobic threshold
و بالتالي زيادة إفراز هرمون النمو و عامل النمو الشبيه بالانسولين ١ اللذان يلجأ بعض الرياضيين إلى إساءة استخدامهما بسبب قدرتهما على رفع القدرة البدنية.
اقرأ: الرياضة وأنواعها وفوائدها
ثالثا : الصيام المتقطع
يعتبر هرمون النمو شديد التأثر بنسبة الإنسولين في الجسم، فإن زيادة نسبة الإنسولين تقلل من مستوى هرمون النمو ،
لذا ، ينصح الأطباء بالصيام المتقطع لمصابي نقص هرمون النمو لقدرته على إعادة الانسولين إلى مستوياته الطبيعية و زيادة إفراز هرمون النمو و الوقاية من الإصابة بالأمراض المزمنة ،
ولكن تتوقف الزيادة في إفراز هرمون النمو عند انتهاء فترة الصيام ،
لذلك يجب تنظيم هذه العملية و تحديد فترات الصوم بما يتناسب مع المصاب مع أهمية الحفاظ على كمية السعرات الحرارية التي يحتاجها الجسم.
اقرأ فقدان الوزن وأفضل الأنظمة الغذائية المساعدة
رابعا : تقليل نسبة الدهون بالجسم
تعمل دهون الجسم الزائدة بنوعيها : الحشوية و المركزية على خفض مستوى هرمون النمو في الجسم،
وقد أثبتت الدراسات – كتلك المنشورة في مجلة الطب الحيوي والعلاج الدوائي( Biomedicine & Pharmacotherapy) عام ٢٠٢٠ –
ثبوت وجود العلاقة العكسية بين نسبة الدهون و مستوى هرمون النمو في الجسم .
خامسا : خفض نسبة السكر بالجسم
و ذلك من خلال تقليل كمية السكر التي يتناولها المصاب ، لأن الإنسولين – كما ذكرنا سابقاً – يعد من أقوى مثبطات إفراز هرمون النمو .
اقرأ : السكري : ارتفاع سكر الدم
سادساً : اتباع نظام غذائي صحي و متوازن
يساعد تناول الأطعمة الصحية على التحكم في نسبة الدهون و السكر في الجسم و إبقائهامنخفضة ،
و هذا ما يحافظ على زيادة مستوى هرمون النمو ، و ينصح بتجنب تناول الطعام قبل النوم مباشرة لأن ذلك يعيق عملية إفراز الهرمون أثناء النوم بسبب زيادة نسبة الإنسولين.
و يوجد عدد من الأطعمة التي تساعد بشكل مباشر على إفراز هرمون النمو عند تناولها ، مثل :
١.الخضرواات : ينصح بتناول الخضروات كجزء أساسي من النظام الغذائي ، وذلك لاحتوائها على الأرغينين الذي يساعد في رفع هرمون النمو.
٢. الأسماك: تحتوي الأسماك على فيتامين د الذي يرتبط وجوده بإفراز عدد من الهرمونات في الجسم ، و يعد السالمون من الأسماك الغنية بفيتامين د .
٣. اللحوم الحمراء: إن تناول اللحوم الحمراء كاللحم البقري مرة واحدة في الأسبوع يساعد في إفراز هرمون النمو ؛ بفضل احتوائها على الأحماض الأمينية المحفزة لذلك.
٤. زيت جوز الهند: يمكن تعزيز هرمون النمو في الجسم من خلال إضافة بعض قطرات زيت جوز الهند إلى الطعام ، كاللبن الرائب مثلاً.
٥.الأناناس: يعتبر تأثير الأناناس على هرمون النمو تأثيراً غير مباشر ، إذ أنه يساعد في تحسين النوم إذا تم تناوله ليلاً ، بسبب احتوائه على ماده السيروتونين ، و بالتالي يتم إفراز كمية أكبر من هرمون النمو أثناء النوم.
٦. الفول : يحتوي الفول على عناصر و تراكيب تساهم في بناء العضلات و تعزز النمو بشكل أسرع .
المراجع:
اكتشاف المزيد من LoveyDoveye
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.